أكد الدكتور عبد الواحد الحميد، نائب وزير العمل السعودي، أن بلاده جاءت ضمن الدول الأقل تأثرا بالأزمة المالية العالمية بفضل السياسات الاقتصادية التوسعية والإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها الحكومة، وحالة الازدهار الاقتصادي التي عاشتها المملكة منذ عام 2004 وما نتج عنها من فوائض مالية كبيرة ومشروعات تنموية عديدة، وذلك بالإضافة إلى السياسة التي اتبعتها المملكة لبناء احتياطيات مالية جيدة والتي عززت قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في مواجهة الصدمات.
وأشار الدكتور الحميد في كلمته التي ألقاها في قمة مجموعة العشرين لوزراء العمل في ختام فعالياتها في العاصمة الأميركية واشنطن، إلى استمرار السعودية التي تعد الدولة العربية الوحيدة كعضو في هذه المجموعة الدولية، في المضي بجهودها لتحقيق مزيد من التنشيط للاقتصاد الوطني من خلال الالتزام بمعدل مرتفع من الإنفاق الحكومي، حيث تم في إطار هذه الجهود تخصيص نحو 70 مليار دولار للمشاريع التنموية في العام الحالي (2010)، علما بأن إجمالي الإنفاق في ميزانية هذا العام بلغ 540 مليار ريال نحو 144 مليار دولار.
وكانت المملكة قد أعلنت أثناء انعقاد قمة مجموعة العشرين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 عن إنفاق أكثر من 400 مليار دولار خلال فترة الخمس سنوات القادمة.
وفيما يتعلق بالانعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية على توظيف العمالة السعودية، أضاف نائب الوزير السعودي، الذي التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإضافة إلى وزيرة العمل بالولايات المتحدة هولدا سوليز، بأن التأثير في هذا المجال كان محدودا كما تؤكده مؤشرات، منها أنه لم تُرصد حالات تسريح جماعية للعمالة الوطنية كنتيجة مباشرة للأزمة المالية، وما تم رصده في هذا الشأن يتمثل في حالات قليلة .
وأضاف: هناك لجنة متابعة مشكلة في وزارة العمل لرصد أي حالات لتسريح العمالة الوطنية في القطاع الخاص وتحديد أسبابها، والعمل على معالجتها أولا بأول، لضمان سرعة التعامل مع من يفقدون وظائفهم بسبب الأزمة بتحويلهم إلى منشآت أخرى لديها فرص وظيفية تلائم خبراتهم وتخصصاتهم، واستمرار الطلب على العمالة في القطاع الخاص، ويظهر ذلك من قيام المنشآت في هذا القطاع بتوظيف نحو 144 ألف سعودي خلال عام.
ويُضاف إلى ذلك كثرة طلبات الاستقدام، حيث تم إصدار أكثر من 982 ألف تأشيرة عمل للمنشآت الخاصة في عام 2009 وذلك بخلاف تأشيرات العمل الصادرة للقطاع الحكومي 61 ألف تأشيرة والعمالة المنزلية 496 ألف تأشيرة، فيما هبط معدل البطالة لقوة العمل السعودية عن مستوياته قبل حدوث الأزمة المالية العالمية، حيث كان 12 في المائة في عام 2006 و11.2% في عام 2007.
ورغم أن هذا المعدل ارتفع من 10 في المائة في عام 2008 إلى 10.5% في عام 2009، إلا أنه يظل أقل مما كان سائدا قبل الأزمة. وبالتالي لا نرى وجود علاقة مباشرة بين معدل البطالة في السعودية والأزمة المالية العالمية بقدر ما يعكس المعدل المذكور طبيعة ونوعية البطالة في البلاد.
ومع ذلك تعتبر البطالة مرتفعة في بلد يستضيف أعدادا كبيرة من العمالة الوافدة، ولذلك تسعى الحكومة لمعالجة هذا الوضع بوسائل مختلفة لتوفير فرصة عمل مناسبة لكل مواطن راغب في ذلك، موضحا أن البطالة في بلاده هي بطالة هيكلية ليست ناتجة من تباطؤ الاقتصاد الوطني في توليد فرص العمل وإنما بفعل عوامل أخرى متعددة، منها: ضعف المواءمة بين متطلبات القطاع الخاص وبعض مخرجات التعليم والتدريب، انخفاض المستويات العامة للأجور نتيجة تدفق أعداد كبيرة من العمالة الوافدة إلى سوق العمل السعودي، واعتماد القطاع الخاص بدرجة كبيرة على العمالة الوافدة، وتفضيل كثير من المواطنين العمل في القطاع الحكومي الذي تقلصت فيه فرص التوظيف بعد أن تشبعت أجهزة حكومية عديدة من العمالة خلال السنوات الماضية.
وتحدث نائب الوزير، عن أهم عناصر استراتيجية التوظيف السعودية التي أقرها مجلس الوزراء السعودي في شهر يوليو 2009 والتي تركز بدرجة كبيرة على زيادة المعروض من العمالة الوطنية عالية المهارة، والتحسين المستمر لإنتاجية العمالة الوطنية للوصول بها إلى أعلى مستوى ممكن من خلال التأهيل وإعادة التأهيل والتدريب، وربط برامج إعداد الموارد البشرية الوطنية بالاحتياجات الحقيقية في سوق العمل، وتوظيف المواطنين المؤهلين لتحقيق التنويع الاقتصادي، وذلك بتوجيه جهد التنويع الاقتصادي ليتحقق من خلال سياسات وآليات لزيادة القيمة المضافة المحلية، والناتج المحلي الإجمالي عبر مساهمة المزيد من العمالة الوطنية في إنتاج السلع والخدمات